الأحد، نوفمبر ٠٥، ٢٠٠٦

إيليا أبو ماضي

بسم الله الرحمن الرحيم

شاعر كلماته تخرج من قلب إلى قلب وتطرق على الصميم ربما كان لهجرته إلى الولايات المتحدة عليه أثر كبير في قصائده لكن حروبه الطاحنة على الغرور وروائعه في وصف جور المجتمع على بعض فئاته المستضعفه .. فلننطلق مع بعض أوراق أشجاره ..

قال في النفس:-
سئمت نفسي الحياة مع الناس ** وملّت حتى من الأحباب
وتمشت فيها الملالة حتى ** ضجرت من طعامهم والشراب
ومن الكذب لابسا بردة الصدق ** وهذا مسربلا بالكذاب
ومن القبح في نقاب جمي *** ومن الحسن تحت ألف نقاب
ومن العابدين كلّ إله ** ومن الكافرين بالأرباب
ومن الواقفين كالأنصاب ** ومن الساجدين للأنصاب
يا لنفسي فإنها فتنت ** بالحديث المنمّق الخلاّب
فإذا بي أقلى القصور ، وسكناها ** وأهلى القصور ذات القباب
فجرت العمران تنفض كفّي ** عن ردائي غباره وإهابي
علمتني الحياة في القفر أني ** أينما كنت ، ساكن في التراب
سأبقى ما دمت في قفص الصّلصال عبد المنى أسير الرغاب
خلت أني في القفر أصبحت وحدي ** فإذا الناس كلّهم في ثيابي!

قال في الفقر:-
قل للغني المستعز بماله ** مهلا لقد اسرفت في الخيلاء
جبل الفقير أخوك من طين ومن ** ماء، ومن طين جبلت وماء
فمن القساوة ان تكون منعما ** ويكون رهن مصائب وبلاء
وتظل ترفل بالحرير أمامه ** في حين قد امسى بغير كساء
اتضن بالدينار في اسعافه ** وتجود بالآلاف في الفحشاء
انصر أخاك فان فعلت كفيته ** ذلّ السؤال ومنة البخلاء
أذوي اليسار وما اليسار بنافع ** إن لم يكن أهلوه أهل سخاء
كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا ** وبم الغرور وكلكم لفناء؟
انا لا اذكّر منكم أهل الندى ** ليس الصحيح بحاجة لدواء
ان كانت الفقراء لا تجزيكم ** فاللّه يجزيكم عن الفقراء

قال في الغرور:-
لي صاحب دخل الغرور فؤاده ** إنّ الغرور أخيّ من أعدائي
أسديته نصحي فزاد تماديا ** في غيّه وازداد فيه بلائي
أمسى يسيء بي الظنون ولم تسوء ** لولا الغرور ظنونه بولائي
قد كنت أرجو أن يقيم على الولا ** أبدا ، ولكن خاب فيه رجائي
أهوى اللقاء به ويهوى ضدّه ** فكأنما الموت الزؤام لقائي
يا صاح إنّ الكبر خلق سيء ** هيهات يوجد في سوى الجهلاء
والعجب داء لا ينال دواؤه ** حتى ينال الخلد في الدنياء
فاخفض جناحك للأنام تفز بهم ** إنّ التواضع شيمة الحكماء
أو أعجب القمر المنير بنفسه ** لرأيته يهوي إلى الغبراء

قال تبـــسم :-
قال السماء كئيبة ! وتجهما ** قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم ** لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى ** صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها ** قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها ** لقضيت عــــمرك كــله متألما

وأخيراً .. كــن بلسماً :-
كـن بـلـسماً إن صار دهرك أرقما ** وحـلاوة إن صـار غـيـرك عـلـقما
إن الـحـيـاة حـبـتـك كـلَّ كـنـوزهـا ** لا تـبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحـسـنْ وإن لـم تـجـزَ حـتى بالثنا ** أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَــنْ ذا يــكـافـئُ زهـرةً فـواحـةً ؟ ** أو مـن يـثـيـبُ الـبـلـبل المترنما ؟
عُـدَّ الـكـرامَ الـمـحـسـنـيـن وقِسهمُ ** بـهـمـا تـجـد هـذيـن مـنـهـم أكـرما
يـاصـاحِ خُـذ عـلـم الـمـحبة عنهما ** إنـي وجـدتُ الـحـبَّ عـلـمـا قـيـمـا
لـو لـم تَـفُـحْ هذي ، وهذا ما شدا ، ** عـاشـتْ مـذمـمـةً وعـاش مـذمـمـا
فـاعـمـل لإسـعـاد الـسِّوى وهنائهم ** إن شـئـت تـسـعد في الحياة وتنعما
أيـقـظ شـعـورك بـالـمـحبة إن غفا ** لـولا الـشعور الناس كانوا كالدمى


روائع تلك الكلمات عند إصطفافها بقلمه .. وأراه من أروع الشعراء المعاصرين وأكثرهم تبســماً ..

مصدر القصائد : أدب

نواف